أميركــا إمبراطوريــة علــى حافــة الإنهيــار
د.نسيب حطيط
احتلت أميركا طوال عقدين من الزمن عرش القرار العالمي،(بالبلطجة)العسكرية والقانونية،بالغزو والإحتلال ومصادرة المؤسسات الدولية، وبعدما إستأنست ووثقت بقدراتها العسكرية وضعف خصومها وتردد البعض منهم للدخول إلى الساحة الدولية مثل الصين وروسيا، شرعت الإدارة الأميركية بتنفيذ مخطط التقسيم والتفتيت للعالم بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي ،والبدء بالمنطقة الأضعف والأمة المهمشة والعدو الأوحد وهو الإسلام ،حيث تجتمع هذه العناصر في منطقة الشرق الأوسط الكبير كمصطلح بديل عن العالم العربي لإلغاء الهوية العربية والإسلامية.
وبعد فشل الغزو الأميركي المباشر والذي حقق إنجازات جزئية، تتمثل بإنعدام الأمن والإنقسامات المذهبية والطائفية ونهب الثروات كما حصل في العراق، وبعد فشل العدو الإسرائيلي بتنفيذ هذا المشروع اثر هزيمته في لبنان عام2006 وفي غزة2008،سارعت الإدارة الأميركية وحلفائها الأوروبيين وأتباعها من العرب خاصة دول الخليج لإستغلال الثورات العربية الصادقة منها والمشبوهة أو التي إنحرفت عن مسارها بقبولها دعم الناتو مع أكلافه الباهظة، وللتعويض عن خسائراميركا الإستراتيجية بعد انهيار الأنظمة التابعة والحليفة معها في مصر و سقوط مبارك وفي تونس بعد سقوط زين العابدين بن علي وسقوط القذافي في ليبيا وترنح علي عبد الله صالح في اليمن، وبعدما استطاعت المقاومة العراقية وبدعم إيراني وسوري من الضغط على الإحتلال الأميركي لمغادرة العراق في نهاية العام2011فقد توجهت أميركا وحلفائها لإسقاط النظام في سوريا والذي يمثل حلقة التواصل بين حركات المقاومة ودول الممانعة ويؤمن الترابط الجغرافي والميداني لجبهة المقاومة ،فتم حشد الأتراك وإستعمالهم آداة غير شريفة استغلت الإنفتاح السوري الصادق معها وتحول السوريون فريسة للخداع التركي، وتم إستعمال الجماعات السلفية والتكفيرية المسلحة بإستغلال المظاهرات لإعاقة الإصلاح الذي بدأه النظام، وتفجير الساحة الأمنية السورية وإثارة الفتن المذهبية والطائفية.
إن فشل المؤامرة لإسقاط النظام السوري ميدانيا" حول الحراك السوري إلى حراك مسلح بعد الفشل الأميركي على مستوى مجلس الأمن والذي أسقطه الفيتو المزدوج الروسي-الصيني كتجربة أولى لإعادة التوازن الدولي وعسى أن لا يكون الموقف الروسي والصيني خاضعا" للمساومة أو للإبتزاز الأميركي، ولا يتم التراجع عنه،عندها لجأ الأميركيون إلى أتباعهم العرب لإستعمال الجامعة العربية كجسر عبور للتدخل الأجنبي في سوريا وإضفاء الشرعية الوهمية على هذا التدخل كما حصل في ليبيا ،وبعدما وصل الأميركييون إلى وضع حرج في الساحة العراقية وأصبحوا في سباق مع الوقت لإبقاء قواتهم في العراق من جهة ولإسقاط النظام السوري من جهة اخرى، ونتيجة لعجز الحلفاء وإنكفائهم بادر الأميركيون للتحرش بإيران من خلال إتهامها بمحاولة إغتيال السفير السعودي في واشنطن ،وذلك للثأر منها نتيجة مواقفها الداعمة لسوريا والمقاومة ودورها المركزي في منع التمديد الإحتلال الأميركي للبقاء في العراق ،وتجهد اميركا لإشعال الفتنة السنية-الشيعية كحرب بديلة عن الغزو والإحتلال المباشر وذلك من خلال الصدام السعودي الإيراني، نتيجة الموقع الرمزي والقيادي الذي تمثله الدولتين على الصعيد والمذهبي الإسلامي.
إن ضعف الرواية الإستخباراتية التي حكيت على عجل ونتيجة التجربة مع الأميركيين في النفاق والكذب السياسي من حادثة لوكربي وأسلحة الدمار الشامل وشهود الزور في المحكمة الدولية الخاصة في لبنان إلى عشرات الأمثلة عن الخداع الأميركي، حيث تمارس أميركا الكذب والإرهاب المكشوف من خلال (فرق الموت) التي يوقع عليها الرئيس الأميركي وآخرها إغتيال العولقي في اليمن والعديد من العمليات السرية لإغتيال قادة المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق وسوريا وإغتيال العلماء في إيران ولا يحاسبها أحد بل تحاسب الضحايا على صراخهم .
لقد فشلت أميركا مجددا" من نافذة الجامعة العربية لإغتيال سوريا، وستفشل في إغتيال إيران عبر الإتهام المفبرك لإحداث الصدام السعودي -الإيراني وستنتقل من فشل إلى هزيمة لكنها كالفيل الذي دخل محلا" للخزف حيث يكسر الآواني عند دخوله وإستدارته متراجعا" إلى الخارج عبر إحداث الفوضى غير الخلاقة بدعمه للجماعات المسلحة والتحريض الإعلامي الفتنوي ومصادرة الثورات العربية وإستغلالها بما يؤمن مصلحة التحالف الأميركي-الإسرائيلي.
نداؤنا إلى العرب المرتمين على اقدام المشروع الأميركي أن يستيقظوا، فلن تحميهم أميركا الغارقة في ازماتها المالية والإقتصادية والعسكرية ، والعصر الأميركي الى افول وانطواء، ولن يساعدهم عند سقوطهم ، بل سيساوم عليهم كما فعل مع القذافي وقبله شاه ايران ، وليتعظوا من تجربة مبارك وبن علي وليعودوا إلى شعوبهم ودينهم فهم الحضن الآمن بديلا" عن حضن الذئب الأميركي الذي سيلتهمهم... عندما يجوع.